GuidePedia

 عدالة القلب ـ شعر سميرة فرجي - من  ديوان " صرخة حارك"
يـا قــاضـي الحــبِّ، هــل بــالحــب أتَّهَمُ؟
وَهَـلْ أدَانُ وأنتَ الخصـمُ والحَكـَــمُ؟
بـتـُهـمـــةِ الـحـــبِّ أنـتَ الـيـوم تـنـعـتـُنــي


وأنتَ مثلـي بهـذا الحــبِّ مُتَّـهَـمُ!
إنـِّــي عـشـقـــتُ، وبالـمـنـســـوبِ راضـيــة ٌ
ولـسـتُ أكـتـُم حبـًّا كـلـّهُ حِـمَـــمُ
سَجِّلْ.. فـإنّ دمــوعــي الآنَ تفـْـضَـحُـنِــي
والدمـعُ يكشـفُ مـا قـَدْ لا يَقـُولُ فـَمُ!
يهـــواكَ قـلـبـي، فـَقـُلْ للناسِ إن عـــذلـــوا
العـذلُ ظلمٌ وأهل العشـقِ كم ظلمـوا!
أنـتَ الــذي خـفـقَ الـــقـلـبُ العـلـيـلُ لـَـــهُ
وأنتَ مَـنْ طيفـُهُ فـي العـقـِل يـرتَسِـمُ
يقـــــالُ إنَّـكَ مِـنْ أخيــــــــاِر محكمــــةٍ

الشاعرة ـ سميرة فرجي


وقيــل إنَّـك بيــــن الناسِ مُحْـتـَــرَمُ
لـَكـُمْ فـضـائِـلُ يـزهــــو الأبـريـاءُ بـهــــا

الـنـبــلُ والـعـزّ والإيـثــارُ والـكــرمُ
فكيف تـُحْــِرقُ بالأشـــــواِق محكمـــة ً؟!
وبالمـحـبــــةِ والآهـــاتِ تَـتََّّهـِـــــمُ؟!
وكيـــفَ بالـشـــرع والقـانـون تظلمنـــي
وأنتَ بالعــدلِ والإنصــاف تَـتَّـسِــمُ؟
سـجـل فـَقـَلـْبُـكَ مَـجْـرُوحٌ، يـبـادلـُنـــي
هَـذا الـغــرامَ وفـيـه الوجـدُ والسـقـَـمُ
قـد اقتـرفنـا مـعـاً هـذا الـهــوى عَـلـَنــاً
ونحنُ صــرنا بهذا الـجُـــرْمِ نلتحـــمُ

فـلـنـعـتــرفْ أنـنــا لـسـنــا ســـوى بشــٍر
وأنـنـا بـحـدود الـشــرع نَـصـطـــدِمُ
إن الـنـيـابــــــة َيـا ويـحـــي مُـتـابـعــــة ٌ
بالحب مثلي فهل للنــــصِّ نحتكـــمُ؟
والنــصّ أحــرفـُـهُ بالـصـخــر قد كُتِبَـتْ
ونحـنُ بين صخـور النـصِّ نرتطـِـمُ
يا قاضيَ الحـب، ما عادتْ محاكِـمُـكـُـمْ
بها الوثائــقُ والأوراقُ تُنْتَظَــــــــمُ
فلا الرئاســـــة في الأحكــــام عادلــــــة
و لا النيـابـــة ُ، بالأقـــوالِ تـلـتـــزمُ
ولا الـنـصــوصُ لـهـا روح تـُشَرِّفُهـا
ولا القضاة ُبروح النص قـد حكمُـوا
ولا الفصولُ أعادتْ حقّ مَـنْ ظُلِمُــــــــوا
ولا الحقوقُ حقوقٌ عِند مَنْ ظَـَلَمُـوا
ولا المـسـاطـر، فيها الـشـرع مـتَّـبـعٌ
ولا المحاضِرُ فيها قَوْلَ مَنْ بَصَمُـوا
ولا الحـمـاةُ تـفـانـوا في رسـالـتـهـــمْ
ولا هُمُ ﭐحترموا ما أوجـب القـَـسَـمُ
ولا السـجــون تـراعـي في معـاقلهــــا
حـقّ السجينِ كما أوصتْ به النّظُـمُ


ولا المحقِّقُ غــاب السَّوْطُ عــن يـَدِهِ
يـومـا ولا اليدُ عـند الجَـلـْدِ تَحْـتَـشِــمُ
أيـن العـدالة ُفي هذا...؟ أفـي كـتـــبٍ
تُدِيـنُ بـالسجنِ مـن بـالحـبِّ يُتَّهَــمُ؟
أيـن العـدالة في هـذا... أتـَسْـمَـعُـنـي؟
أمْ أنّ من حَكَمُـوا قـَـوْمٌ بِهِـمْ صَـمَـمُ؟

إذا تـحـدّثَ عــدْلُ الـقـلــبِ يـا أمـلــي
فـَإنّ قـَانـُونَـنـَا المـصـنـوعَ مُـنْـهَــِزمُ
الـحـبّ عَــدْلٌ وَرَبّ الـنـــاس حَـلـّلـَـهُ
وَمَـنْ يُـجَـرِّمْ حَـلالا فَـهْـوَ مُـجْـتـَـِرمُ
هـَذا هَـوَاكَ،وهـذا الـشــرعُ يُـلـْجـِـمُــهُ
وأنتَ بـيـنـهـمــا كالـمــوجِ يـلـتـَطِــمُ
يا قاضيَ الحـبِّ إن العدلَ في وطـنـي
ذَاتٌ تـَـئـِـنّ وفــي أحـــشــــائها وَرَمُ
سَجِّـلْ بدمعـي، سَجِّـلْ مـا أقــولُ هُـنـَا
إنَّا عـشِـيـقـان، لا مَا يـكـتـُبُ القـلـمُ!
إنّ الـجـريـمـــة َبـالـقـانــون ثـابــتـــة ٌ
وعـنـصـر القصـدِ موجـود ومنعــدمُ
أمـا عـنـاصـرهـا الأخــرى فـنـائـبـة ٌ
عنها دموعي وشـوقٌ صاغـَهُ الألـــمُ
فـارْحَـمْ بحـبك قـلـبـا أنـتَ تـَظـْلِـمُــهُ
واكـتـُمْ بظـلمـك عــدلا ليـس ينكـتِــمُ
فأنـتَ مَـنْ جَـعَــلَ الأوراق تخــذلـني
وأنـتَ مَـنْ جَـعَـلَ الـنـيـرانَ تـحـتـدمُ
أينَ العـدالــة ُيا إلفــــي؟ أغــاضـبــة؟
أم أنها بـقـصـوِر العـدلِ تـَعْـتـَصِــمُ؟
أعـطـيـتـُكَ القـلـبَ حتَّى صـرتَ سَيِّدَهُ
وَهَـا هُـوَ الـيَـوْمَ بالأشواقِ يضـطـرمُ
فاحكمْ بما شئتَ، لكِنْ لنْ أقـولَ سـوى
أنّ الـهـوى قـدري وَالعـدلَ منـعــدم!
 
Top