القميص الاسود
بقلم ـ ممدوح فراج :
حزنت كثيرا, كشرت عن انيابها, ابتعدت قليلا, ثم نهضت ناحية الدولاب, الذي لاقي منها عنفا شديدا اثناء فتحه فارتطمت ضرفتاه بخشبة الزان فأحدثتا صوتا عاليا, لم تجد في هذين الضلفتين ما تحتاجه
اغلقتهما بنفس العنف, فتحت ضلفتين اخريين من نفس الدولاب.. اخرجت قميص نومها الوردي.. خلعت ملابس كانت عليها.. جاءت نحوي حكت جسدها في جسدي المتعب الآن. ابتعدت عنها مستدعيا النوم ان يأتي بسرعة.. مازالت تلح نحوي وهي تحك بأطراف اناملها فوق فروة رأسي, وبعض من نهديها يرتمي فوق ذراعي.
حدثتها بأن تنام, فلا داعي الليلة لما هي فيه, فالنوم سلطان, لا يرد امره احد ولا يستطيع عصيانه الملوك.. همهمت بكلمات تدل علي كبريائها وانها ما ارادت الا اسعادي.. ذهبت الي دولابها مرة اخري خلعت قميصها الوردي.. ارتدت قميصا ابيض.. جاءت, رقدت مستيقظة فوق السرير, وقالت ـ بعد ان لعنت القصص القصيرة:
لو جاءت في بالك قصة قصيرة تقوم تكتبها فورا.
ثم صمتت قليلا وهي تنظر الي جسدي المدعي انه نائم ويغط في النوم, واستأنفت قولها: لكن للـ.. تقول انا تعبان وعايز انام!
بالفعل جاء في ذهني الآن ان اقوم واكتب ما حدث بيني وبينها قصة قصيرة, لكن خفت من ثورتها, وغيرتها من ضرتها القصيرة.. حاولت ان اجد حيلة لأقوم كي اكتب ما جاء في ذهني ـ قصة قصيرة ـ من فعلتها هذه لكن كل الحيل قد اكتشفتها فحيلة الحمام ودورة المياه والقلم والاوراق البيضاء الفارغة التي كنت اضعها بداخل دورة المياه, قد أحرقتها حرقا من الغيظ فكم كنت ليلا اتسحب من جوارها واقوم فتمسك بي قائلة: رايح فين؟ فأجيبها الي الحمام, فتتركني, لكنها الآن بعد ان اكتشفت انني اذهب الي الحمام لأكتب قصة قصيرة جاءت في ذهني وانا نائم فقد منعت عني الحمام ليلا خاصة وانا نائم بجوارها.
وكذلك حيلة تنفيس سيجارة خارج غرفة النوم قد اكتشفتها ايضا, حتي حيلة الجلوس للتأمل في الشرفة خارج الغرفة اكتشفتها, وحيلة الرد علي التليفون الارضي بعد ان اقوم بطلب رقم منزلي من التليفون المحمول الخاص بي فيرن جرس التليفون الارضي فأقوم بحجة الرد ولا اعود الا بعد ان اكتب القصة التي دارت بذهني..اكتشفت كل ألاعيبي للخروج من غرفة النوم..
اخذت افكر في حيلة للخروج من غرفة النوم لكتابة القصة التي جاءت بذهني الآن فإن ذاكرتي لا تحتفظ بالمعلومات كثيرا وقد تضيع الفكرة اذا نمت.. لذلك استدرت بجسدي ناحيتها.. امسكت سيجارة اشعلتها.. انتظرت ان تقول لي أن ادخن سيجارتي التي تؤذيها بعيدا عن غرفة النوم.. لكنها لم تقل..
قامت, خلعت قميصها الابيض, اخذت تتراقص.. ارتدت قميصها الاصفر. كم كنت اكره اللون الاصفر.. لكن لم تعرف هي بذلك اخذت تتمايل فيه جيئة وذهابا في انحاء غرفة النوم.
رقصت علي انغام موسيقي سيدة الغناء.. لم تجد في الرقص فائدة.. ذهبت الي دولابها اخرجت كل ما فيه من قمصان متنوعة الالوان.. اخرجت فستان زفافها الذي لم تخرجه من الدولاب الا في هذه المرة.. ارتدت الفستان.. جاءت نحوي اخذت تذكرني بليلة الزفاف.. وكيف كانت خائفة.. لم اتذكر معها شيئا.. قامت خلعت فستانها.. وقفت امام المرآة الكبيرة أخذت تتأمل نفسها.. لعنت اليوم الذي تزوجت فيه قاصا للقصة القصيرة.. جاءتها فكرة القميص الاسود فهو الذي يحل مشكلتها دائما.. كانت تبحث عنه وسط ملابسها في الدولاب.. خرجت وقد لفت جسدها بفوطة كبيرة, بحثت عن قميصها الاسود, ذهبت الي شرفة الغسيل وجدته معلقا.. ابتسمت.. جاءت وهي ترتديه وقد ألقت ببشكيرها الذي التفت فيه, الابتسامة العريضة تملأ وجهها.
انجذبت ناحيتها, زاد من جمالها هذا القميص الاسود, والضد اظهر حسنه الضد.. هي الفرصة الآن لأن اراضيها كي ترضي عني وتتركني اذهب الي غرفة المكتب لأكتب القصة التي دارت في ذهني.
جاءت نحوي ورقصت رقصتها التي ترقصها في كل مرة ثم ارتمت فوقي اخذت تداعب اجزاء تحب هي ان تداعبها.. وجدت نفسي اغرق في ملامسة شعرها المفرود الذي يغطي مفاتنها التي ظهرت من قميصها الذي لا يخفي شيئا.
تنهدت واخذت نفسا عميقا بعد ان ارتوت مما تحب. حدثتها قائلا:
ليست كل الاوقات يحلو فيها هذا الشيء.
قالت: بالحيلة نصل الي ما نريد!
قلت سأذهب الي المكتبة ففي ذهني قصة قصيرة
قالت: من حق الأخري ان ترتوي!
تمت ممدوح فراج كوكب ـ شطورة
نشرت هذه القصة بجريدة الأهرام المسائي يوم 4ـ 7 / 2010 م