ما يميز الفكر الغربي التوتر الشديد في عقول المفكرين
وضع الإغريق أسس الأدب والفلسفة والتاريخ الغربي واليونان الذين هم منبع الثقافة الكلاسيكية المسيحية تستمد كثيرًا من أصولها من الثقافة العبرية أوغسطين استخدم في كتابه " مدينة الله " وقائع التاريخ ، التي قام بجمعها ليبرهن أن المسيحية ، لم تضعف الإمبراطورية الرومانية ، وأنها سقطت لأن الله ينزل العقوبة بالأشرار
ـ بذرة المسيحية جاءت من خارج العالم الإغريقي الروماني
ـ أساس المسيحية الأولى يهودي بدرجة قصوى ، ينطبع بطابع الخبرة اليهودية الفذة وكان يسوع المسيح يهوديًا
الانجيل لا يعدوا أن يكون مجموعة من الوثائق التاريخية نعاملها كغيرها من الوثائق المشابهة ، كإلياذة هومر والأوديسا أو نبلنجنليد
* ـ الديانة المسيحية ترعرعت في هذه الحضارة ولها أصولها اليهودية
* ـ اليهود كانوا قبيلة صحراوية صغيرة تنتمي إلى الأمة التي عرفت فيما بعد بالعرب ، أو البدو ، والتي نشأت على الأرجح في شبه الجزيرة
عرض ـ ممدوح فراج :
عن سلسلة ذاكرة الكتابة أعادت الهيئة العامة لقصور الثقافة نشر كتاب " قصة الفكر الغربي ، أفكار ورجال " من تأليف كـرين برنتن الصادر عام 1950 م ،والذي وقام بترجمته محمود محمود وقامت بنشره مؤسسة فرانكلين بالقاهرة
حيث يقوم الكتاب برصد التطورات التي حدثت للفكر الغربي في تسلسل تاريخي يسلط الضوء على تفكير الإنسان الغربي الحديث بهدف فهم مشكلاته الكبرى ومحاولة تمييز الفكر الغربي عن غيره منذ أقدم العصور ،
وكما يشير الكتاب بأن أهم ما يميز الفكر الغربي التوتر الشديد في عقول المفكرين الذين رغبوا في الموازنة بين المُثل العليا التي عرفها الإنسان من قديم الزمن والتي نادت بها الأديان مقارنة بواقع الحياة الذي لا يتفق مع هذه المُثل الرفيعة العُليا ، وقد قام المُؤلف بسرد التطورات التي حدثت في الفكر الغربي سردًا تاريخيًا متسلسلاً متعرضًا لمشكلات التفكير الإنساني في إشارة منه إلى أن أسس التفكير الغربي ترجع إلى وضع الإغريق أسس الأدب والفلسفة والتاريخ الغربي ، وكذلك أسس التفكير المنطقي ، والموضوعي وإلى اليونان الذين هم منبع الثقافة الكلاسيكية ،التي بلغت ذروتها في عهد بركليز ، ثم تدهورت في القرن الرابع الميلادي مع ضعف نظام المدن الحكومية ، وكما أشار المؤلف أن المسيحية تستمد كثيرًا من أصولها من الثقافة العبرية وعن طريقها تسربت إلى أوروبا،أما الرومان فأخذوا عن المدينة الإغريقية أصولها وأضافوا إليها القوانين الوضعية وهندسة الطرق
ويشير الكتاب إلى أنه يؤخذ على المؤلف ميله إلى الاعتقاد بأن الفكر الأوروبي كان مستقلاً عن غيره ولم يتأثر بتفكير أهل الشرق إلا في القليل وأن الحضارة الغربية هى أرقى الحضارات حيث أن هذه النظرة متحيزة وعنصرية تؤكدها رؤيته بتفوق الأجناس الغربية على غيرها ،ومن ثقافة العصور الوسطى هلت نهضة أوروبا في العلوم والفنون ، خاصة في القرن السادس عشر وظهور حركة الإصلاح الديني " البروتستانتي "وحتى قدوم القرن الثامن عشر اشتد الإيمان بالعقل وقامت حركة عامة في أوروبا ،عرفت بحركة التوير ، وفي أواخر القرن الثامن عشر اندلع لهيب الحركة الثورة الفرنسية لتقضي على ما تبقى من آثار الإقطاع في حياة الناس والأخذ بفكرة التقدم وعززتها بالعلم وأيدت نظرية داروين في أصل النشأة، وآمن الناس بالحرية الفردية ، حتى حدث توازن بين الأضداد كان سمة من سمات القرن التاسع عشر ،
وحيث أن مؤلف الكتاب يذكر أن الكتاب ليس مؤلفًا تاريخيًا إنما هو يلقى نظرة على عمل الفيلسوف ، فهو يلفت إلى أن منتصف القرن العشرين كان من أكثر النظم الفلسفية ، الشائعة في مناقشة الفكر وظهور أسماء مثل شبنجلر ، سوروكين ، توينبي ، كانت معروفة حيثما تم مناقشة أمور الفكر في أعلى مراتبها ، ويلفت الكتاب إلى أن معظم المؤرخين يرتبون مادتهم بطريقة تسوق القارئ إلى أن يعتقد أن بعض الفروض الخاصة ، بالناس ومصيرهم هى فروض صادقة ، فمثلاً سنت أوغسطين استخدم في كتابه " مدينة الله " وقائع التاريخ ، التي قام بجمعها ليبرهن أن المسيحية ، لم تضعف الإمبراطورية الرومانية ، وأنها سقطت لأن الله ينزل العقوبة بالأشرار ، أما جورج بانكروفت ، في تاريخه للولايات المتحدة فيستخدم وقائعه المختاره لكي يبرهن أن الأمريكيين هم " الشعب المختار حقًا للاله الديمقراطي الحق وأن مصيرهم الواضح هو أن يقودوا العالم إلى حياة أفضل ، أما الفيلسوف الإنجليزي هربرت سبنسر في القرن التاسع عشر لاحظ أن الناس يتقدمون من المجتمعات المقاتلة المتنافسة إلى المجتمعات المسالمة ، المتعاونة الصناعية ، ويذكر الكتاب أن علماء السيكولوجيا أخذوا عن المصادر الإغريقية " عقدة أديب " و " العقدة النرجسية " أو حب الذات " والفوبيا أو الحب الجنوني ، والتهوس وتعد الأساطير عند اليونان من الكنوز المذهلة فيما يتعلق بالملاحظات الواقعية أو الخيالية ،
ويشير الكتاب إلى أن الديانة المسيحية ترعرعت في هذه الحضارة ولاشك أن هذه الديانة لها أصولها اليهودية ، التي تخرج كثيرًا عن نطاق التأثير الإغريقي ، رغم أنها كانت جزء لا يتجزأ من العالم اليوناني الروماني وتاريخ العالم الغربي يبدأ إلى حد كبير بالإغريق ، لأنهم أول من استخدم العقل بطريقة جديدة وملفتة للنظر ، رغم أنهم ليسوا أول شعب مفكر ، أو مفكرًا تفكيرًا علميًا فقد استخدم المساحون المصريون وراصدوا النجوم الكلدانيون " الرياضيات " ومن ثم فقد فكروا تفكيرًا علميًا لكن الإغريق فكروا في مجال الخبرة الإنسانية كلها ، وبلغ الإغريق من القلق والطموح حدًا جعلهم يستخدمون التحليل التجريب للعلوم الطبيعية فقد كان أبو قراط يعرق ويدرك القليل عن الأمراض ، معرفة جيدة ومنظمة ، واقترب المؤرخ ثيوسيد من كتابة التاريخ بطريقة علمية والإغريق في ميدان المعرفة أوضحوالأنفسهم حب الحكمة أو حب المعرفة وهذا كان في الفلسفة وليس في ميدان العلوم ، خاصة عندما جاء عصر أفلاطون وأرسطو طاليس ، وامثال هرقليطس ونقيضه بارمنيدس ،وديموقريطس وهو مادي متطرف كان يعتقد أن كل شئ يتكون من جزيئات حتى عقل الإنسان وروحه وهذه الفلسفات هى التي جعلت الإغريق لديهم القدرة على التعليل وتابعوها في متاهة المنطق الصرف ،ويذكر الكتاب أن آراء سقراط عن الحق والباطل الأساسية ماهى إلا آراء أكثر المذاهب الخُلقية مثل " القاعدة المذهبية "و " المُثل الطيبة " لا يحب الكذب ، الغش ، السرقة ، أو القسوة في ميدان الآلهة التي نشأهوومواطنوه فيها أو مانسميه بالأساطير اليونانية ، ويلفت الكتاب إلى أن فلاسفة الإغريق طوروافيما بعد كل ما تعرض له من سبقوهم ، وعند أفلاطون أن لفظ الله عند أكثر الأفراد العاديين هو اللفظ الذي يمكن أن يكون مقترب من البعد عن تلويث الحواس ،
ويشير الكتاب أن أحدث الديانات الوحدانية ـ اليهودية ، المسيحية ، الإسلام ، دائمًا ما تكافح ، ميل المؤمنين إلى تصور أن الإله شخصًا ملتحيًا حليمًا فافلاطون سار شوطًا بعيدًا جدًا نحو إنكار عالم الحواس ، وأفلاطون هو أقدم الفلاسفة الإغريق الذين وصلت إلينا مؤلفاتهم ،فغيره لم يصلنا عنه غير قصاصات ، وأرسطو يكاد يكون صورة قريبة من أفلاطون في افكاره ، خاصة عن الصورة والمادة ، ثم يتناول الكتاب أزمة الثقافة الإغريقية وهى أن الثقافة التي تربطن بأثينا القديمة لم تكن سوى ثقافة الأقلية الممتاذة ، وكانت الجماهير بعيدة عن هذه الثقافة ، والاستمتاع بها ، ولا يوجداحصاء عن عدد المتعلمين في أثينا ولدينا علم ضئيل بالتربية الرسمية ، رغم هذا كان التعليم واسع الانتشار رغم عدم الانتظام المدرسي ، وكانو يقضون الساعات في المسرح يشاهدون روايات كبار كتاب المسرح الإغريقي البعيدة عن الواقعية ، كمشهد حفاري القبور في " هاملت "ويبين الكتاب أنه إذا كانت الديانة الإغريقية كمقياس للثقافة ،فإن الإغريق كانت لهم ديانة رسمية وثابتة ولم تكن لها أصول أو قواعد ولم يكن لها كتاب مقدس ، او كهنة ، أو كنائس ، وهذه العقيدة لم يكن لها سوى الإعتقاد بأن الألهة موجودة ، وربما استمد أكثر المتعلمين الإغريق معرفتهم عن الآلهة من قصائد هومر ، خاصة التي كان الكثيرون يحفظونها في شبابهم عن ظهر قلب ، وبعضها يرجع إلى ماضي الإغريق السحيق ، ويشمل التطور الذي حدث في تعدد الآلهة في القرنين الخامس والرابع في بلاد اليونان تاريخًا طويلاً اشتغل به علماء الانثربولوجيا وعلم الاجتماع والتاريخ ومن معالم ديان الإغريق وجود الكاهن أمثال أبولو في دلفى ، وكانت هذه الديانة الأوليمبية غير خالية من جنة واضحة أو جحيم واضح فحسب بل كانت لا تشجع العبادات بل ولا تسمح بها اما الألغاذ فكانت تشجعها وتسمح بها صراحة ،ويتحدث المؤلف عن أزمة الثقافة في القرن الرابع مع بداية حرب البلوبونيز في عام 431 ق.م وانتصار الملك فيليب المقدوني على المدن الحكومية اليونانية 338 ق .م لم تعد الثقافة مستقلة كما نشأت في الحكومة القومية ووقعت تحت السيطرة النهائية للمقدونيين أولاً ثم للومان فيما بعد ، واندمجت في نوع جديد من الدولة والحكم ، وكان القرن الرابع ق .م هو قرن أفلاطون وآرسطو الذي كانت فيه الحكومة مستقلة حقًا
ويتعرض المؤلف بعد ذلك إلى أثر اليهود والإغريق المتأخرين والرومان في الفكر الغربي ، فيقول أن بذرة المسيحية جاءت من خارج العالم الإغريقي الروماني وكان يسوع المسيح يهوديًا ولد في وقت كان الوطن اليهودي تحت حكم هيرود الذي تحول إلى الهيلينية ، وكان هناك إلى وقت ميلاد المسيح كثير من اليهود يتكلمون اليونانية ، بل واللاتينية ، وكانوا مواطنين من جميع أنحاء العالم الشامل من الأفكار المعارضة ، والمذاهب الدينية واللعواطف ،ويؤكد المؤلف أن أساس المسيحية الأولى يهودي بدرجة قصوى ، ينطبع بطابع الخبرة اليهودية الفذة ،وعن المسيحية وارتباطها باليهود يضع المؤلف تساؤلا ً لماذا كان اليهود دون غيرهم الذين يتشابهون مع المسيحيين دون غيرهم من شعوب وقبائل شرقي البحر المتوسط ،سواء في البيئة الجغرافية أو الظروف المادية ن ولماذاكالن اليهود دون سواهم الذين تصدر عنهم الديانة التي لاتزال بعد ألفي عام الديانة الرسمية في العالم الغربي ، ويجيب مسترشدًا بالمسيحية أن الله اختار اليهود ، وأن كل شئ كان يسير وفق خطة مقدسة لافتاً أن هذه ليست الإجدابة التي ينبغي أن يقدمها هنا
ويذكر المؤلف أن هناك مواقف تدعو إلى القول بأن الانجيل لا يعدوا أن يكون مجموعة من الوثائق التاريخية نعاملها كغيرها من الوثائق المشابهة ، كإلياذة هومر والأوديسا أو نبلنجنليد وأعداء المسيحية أمثال نيتشه يعلنون أن المكتوب في الإنجيل يحتمل بصفة خاصة أن يكون باطلاً ويذكر المؤلف أنه لا يتخذ موقفًا عقائديًا في هذا الكتاب ضد المسيحية بل يعتبر أن أفكاراليهودية او المسيحية وعبادتهما من حيث الغرض من التحليل التاريخي من ثمار الثقافة البشرية ومن الممكن ان نظر غلى حقائق المسيحية كما ننظر إلى الحقاءق الأفلاطونية ، على أنها حقائق تتجاوز حدود التاريخ أو لا تتجاوزه ، فاليهود كانوا قبيلة صحراوية صغيرة تنتمي إلى الأمة التي عرفت فيما بعد بالعرب ، أو البدو ، والتي نشأت على الأرجح في شبه الجزيرة العربية ، وفي مجال السياسة كان لليهود تاريخ يسشبه على الأقل تاريخ جيرانهم الصغار وعندما كانوا تحت حكم سليمان انقسمو إلى قسمين اليهود في في الجنوب واسرائيل في الشمال ، وكان بينهم منافسات وحروب ومعارك ودسائس كما قامت بين اليهود وجيرانهم ، ثم قضت آشور على نهائياً على اسرائيل ، في القرن الثامن ، ق. م واستولت عليها بابل ، وأسر حوالي عشرة آلاف يهودى ،ويلفت الكتاب أن هؤلاء اليهود رغم أنهم عادوا إلى بيت المقدس إلا أن تشتيتهم الأكبر قد بدأ بالفعل ويذكر الكتاب أن اليهود لهم اصرار على البقاء بعد ألفي عام من تاريخ تحطيم الرومان لدولة اليهود ، ظهرت مرة أخرى على الخريطة السياسية ، في فلسطين المغتصبة وليس هناك إجماع في الرأي عن السبب الذي جعل لليهود هذا التاريخ ويشير أن لدينا سجلاً عن اليهود يعرف بالعهد القديم وما جاء به من وجهة نظر المؤرخ الحديث العادي أنما قد ضم بعضه إلى بعض في أوقات متفرقة ، وعلى أيدي أفراد مختلفين ، وبعضه كالملاحم ، وبعضه قواعد كهنوتية، وأمست في خدمة اليهود باعتبارها مجموعة مقدسة وه ما عرفت باسم " الانجيل " الذي بات عند المؤمنين " كلمة الله " أملاها على كتابه وهو ليس مجرد كتاب بأى حال من الأحوال ، وظلت هذه المجموعة من الأدب القومي اليهودي بعدما أدمجت مع العهد الجديد ، في إنجيل مسيحي ،عدة قرون ـ كلمة الله ـ وهى لذلك لا تخضع لأي دراسة نقدية ، عدا التفسير والتأويل ، إلاأن الناس وعلى عجل خلال القرن الثامن عشر درسوا هذه النصوصدراسة نقدية كما درسوا نصوص هومر ، فرجيل ،ثيوسيد ، هيرودوت ، وتمخض هذا وكما يشير المؤلف عن " النقد الأعلى " الذي أزعج ضمائر اجداد الأجداد فلم يصل هذا النقد إلى اتفاق تام ففي أعلى المستويات يعالج العهد القديم مشكلات " المصير البشري " وهى تلك المشكلات التي لم نتفق عليها قط ،وتعرض النقد الحديث بالشك لبعض الوقائع التي تعرض لها كالوقائع المادية ، ويذكر الكتاب أن العهد القديم جمع من مصادر متعدده في فترات متعدده ، والباحثون ليسوا على اتفاق في التفصيلات بأي صورة من الصور ، أمثال أسفار موسى ، أو الأسفار الخمسة ، من العهد القديم ، لها ثلاثة مصادر على الأقل الأول ج يهوه والثاني أ الوهيم والثالث ب ومن المؤكد أنه من وضع الكهان المختصين بالشريعة وقد اتحدت المصادر الثلاثة في البقرن الخامس ق. م وكثير من بقية العهد القديم هو في الواقع من نفس هذا النوع من التاريخ مستمد من المصادر القديمة مع بعض الوثائق المعاصرة ، ولكنه كتب بقصد تحويل اليهود إلى يهود أفضل وكتب ليكون في النهاية شعرًا وفلسفة وأصولاً دينية لا لكي يكون مجرد تاريخ ، والعهد القديم ليس كتاب لكنه سجل متقطع لا يشبه العلم إلا في شئ قليل من حيث التفكير المنطقي ، فلا يوجد في العهد القديم مايشبه ثيوسيد أو أبو قراط أو حتى أرسطو وما يؤديه العهد القديم هو تطور الضمير اليهوديوالنظرة اليهودية إلى العلاقة بين الأفراد وربهم المقدس وهي الخبرة التي انتقلت إلى المسيحية واليهود لهم إلههم وحدهم هو، " يهوه "ويقرر المؤلف أن بعض الفقرات في الإنجيل والتي لا يرتاح لها القارئ تروى كفاح ـ يهوه ـ الطويل في الدفاع عن نفسه وعن شعبه ضد إغراء الالهة الأخرى المتصارعة ويستطرد أن " سفر أيوب " من عمل شاعر وفيلسوف يهودي متأخر أو من عمل عديدين ،فأكثر الباحثين يعتقدون أن هناك جزء على الأقل مدسوس على الكتاب ، فاليهود صاغوا من خبرتهم الطويلة ديانه منظمة ومجموعة من النظم وأسلوبًَا من العيش وعن هذا الأسلوب نشأت المسيحية وينتقل الكتاب إلى الحديث عن الرومان وأن القرن الثاني ق.م انتهت فيه سلسلة الحروب التي بدأها الإسكندر الأكبر بانتصار الرومان حتى أصبح العالم الغربي وحة سياسية واحدة هى العالم الروماني لنحو أربعة قرون وكان للرومان ثقافة فلسفية وأدبية وفنية ، وكانت الروح الرومانية تبلغ درجة عظيمة من الوقاركما يتبين في فرجيل وكان الرومان مقلدين للإغريق في فن النحت والتصوير ، ويتحدث المؤلف عن المسيحية كمذهب وأنها لونت تفكير ومشاعر مايقترب من سبعين جيلا من الرجال والنساء في الغرب ، وأنها برهنت خلال الألفي عام التي عاشتها أنها قادرة علي العيش والانتشار والتنوع بدرجة لا يكاد يتصورها العقل والمسيحية تهتم كثيرًا بسلوك الإنسان فوق هذه الأرض وجاهد علماءها لكي يجعلوها ديانة فردية إلا أنها ثنائية في بعض النواحي ، كالروح والجسد ، والروحاني والمادي ، وعن نمو المسيحية الأولى يوضح مؤلف الكتاب أن العهد الجديد هو قصة حياة يسوع المسيح وموته وبعثه وقصة المشاق والصعاب التى لاقتها الأجيال الأولى من المبشرين ، بها وكما فعل الباحثون بنصوص العهد القديم أخضعوا نصوص العهد الجديد للبحث دراسة لغوية وتاريخية صارمة ، فالباحثون مختلفون في حياة المسيح وتعاليمه ويتفقون أنه لا يوجد لدينا أي رواية معاصرة مباشرة عن أي شئ مما قاله المسيح أو فعل ، ويقارن المؤلف في ذلك بلنكلن وعدم معرفة الكثير عن حياته ، ويتساءل المؤلف هل زعم يسوع التاريخي أنه ابن الله ، ؟ ويذكر أن الأناجيل الثلاثة متى ، مرقص ، لوقا تعرضت لمشكلات المسيحية فانجيل يوحنا أوضح أن المسيح هو ابن الله والمؤلف يجيب أن المسيح لم يدع لنفسه قط بالالوهية وأنه لم يكن يهتم بعلم الدين أو بالديانة المنظمة ، وانما كان يحس اخوانه على أن يعيشوا الحياه البسيطة وأن الرجل الذي قام بأكبر جهد في تحويل المسيحية من مذهب يهودي غامض إلى ديانة عالمية هو شاؤل الطرسوسي ، المعروف في المسيحية " القديس بولس " وهو يهودي يتصف بالصفات الهلينية ، ومواطن روماني ،والمصادر التاريخية عنه أكثر من المصادر عن يسوع ويتفق العلماء على أن أشهر رسائل العهد الجديد التي تحمل اسمه من عمله ، ولا توجد تفصيلات عن حياته الخاصة ، وقد آمن المسيحيون كما آمن بولس أن عمل الرسول ليس إلا تحقيقا لعمل السيد ، وهو توسعه لرسالته ، وينتقد المؤلف القول بأن بولس كان مصاباً بالصرع أو كان غبيًا ويرى أن أعظم ما قدمه للمسيحية هو تمهيد الطريق للانتقال من المذهبية اليهودية إلى العالمية ، وتمت الخطوة الأولى في عهد الإغريق وأكسبه عمله لقب " رسول الأمميين " وينتمى إلى جانب أصحاب النفوذ ، وكانت أكثر تعاليم بولس متزمتة فيما يتصل بالعلاقات الجنسية وكانت صدمة للكثيرين ، حتى قبل الجيل الذي تأثر بفرويد ، لأن الحياة الطيبة عنده حياة زهد ، والشخصية الثانية هى يوحنا الذي يعزى إليه الإنجيل الرابع ، وثلاث رسائل رعوية موجزة ، الذي يمثل شابا غير ملتحي في التصوير المسيحي شيخا هرما عندما كتب الإنجيل الرابعوهناك شكا علميا في الحقيقة التاريخية ليوحنا في انه كتبه وحده أو آخرين ولا يعرف عن يوحنا إلا القليل ولم يكن إدارياأو رجلاً علميًا يحمل عن نفسه تبعة علاج النفوس ، وكان يكتب متأثر بتوتر خلقي شديد ، وأن من رأيه أن من يسمونهم المسيحيين أولئك الذين لم يعرفوا المسيح قط ، لا يدركون المغزى العظيم للمسيحية ، وهو ذلك الاتحاد المستحيل بين الله والإنسان ، ويستعمل مصطلح الكلمة لذلك وكتبت ألوف الصفحات عن " الكلمة " ويذكر المؤلف أن المسيحية شقت طريقها بين المذاهب الكثيرة لأنها جمعت عناصرمستمدة من الأديان الأخرى كطقوس الطهارة والاله الذي يموت ثم يبعث ، والعذراء التي تحمل ويوم الحساب ، وحفلات الربيع ، وحفلات الانقلاب الشتوي والشياطين والقديسين والملائكة ، ثم الخلاص من الإمبراطورية الرومانية ، المتداعية ثم التحول رجال الفكر والطبقات العليا من الإغريق والرومان مثل التحول الذي حدث للشيوعية فضلا عن ما ورثته من أصولها اليهودية ، ويؤكد المؤلف أنه من وجهة نظر تاريخية وطبيعية أن المسيحية لم تتغلب على منافسيها إلا لوعدها بالخلاص وعدا محسوسا وجذابا وهو لا يأتي إلا بعد الموت ، ويفرد الكتاب بعد ذلك فصلين عن العصور الوسطى ومؤسساتها وأهمها الكنيسة ، ثم المدارس الأولية أما العلوم فكانت أصول الدين والفلسفة هى السيد في هذا العصر ، ثم يوضح المؤلف في ثلاثة فصول كيف صنع العالم الحديث ، ويتناول الانسانية ثم البروتستانت ثم المذهب العقلي وفيه يتحدث عن العلوم الطبيعية ،والفلسفة ،ثم يتحدث عن النظرة الكونية الجديدة .
ثم الهجوم من اليمين واليسار وعن القرن العشرين يتناول هجوم اللا عقليين ، ومع خاتمة الكتاب نصل إلى أنه لابد للثقافة الغربية أن تصل إلى الثقافات الأخرى فإذا كان هناك تبادل للسلع فإن هناك تبادل للثقافة ولنقل تواصل حتى لاتحدث فجوة غير مرجوة فيما بعد