صدر العدد الجديد من مجلة
رؤية تركية الفصلية الاستراتيجية الصادرة عن مركز ستا للدراسات والأبحاث بالقاهرة,
ويحتوي على عدد من الدراسات والمقالات التحليلية المميزة لكوكبة من الباحثين
والخبراء المتخصصين العرب والأتراك. وخصصت المجلة التركية فى عددها الجديد باباً
كاملاً عن ثورات الربيع العربي وانعكاساتها بعد مرور ما يربو من عامين ونيف على
إنطلاقها . كما خصصت المجلة عدد من الدراسات عن الوضع فى مصر بعد ثورة 25 يناير،
من بينها دراسة للباحث التركي طه أوزهان، ورئيس مركز (ستا) بعنوان مصر الجديدة:
كفاح من أجل الديموقراطية، إلى جانب دراسة أخرى عن مستقبل الاقتصاد المصري.والتى
سنعرض لأهم محتوياته.
نظراً لما تمر به مصر من
أزمة اقتصادية وتعثرات أفضت بركود اقتصادى يسعى نحو التعافى يقدم الخبير الإقتصادى
الدكتور احمد حلمى عبد اللطيف في مقالته الاقتصاد المصري :نظرة مغايرة لمعالجة
ازماته .روشتة علاج سريعة وعاجلة بغرص التعافى . وخريطة طريق ترشد العاملين في هذا
المجال ان يحذو حذوها.ويؤكد عبداللطيف على ان المشكلة الاقتصادية في اي مجتمع من
المجتمعات تتمثل في عدم القدرة على اشباع جميع الاحتياجات البشرية والتى ترجع في
الاساس الى الندرة النسبية للموارد الاقتصادية . وفي حال توافرت هذه الموارد
وبالقدر المطلوب لاشباع الاحتياجات البشرية اشباعا تاما تزول المشكلة الاقتصادية ولاتبقي
لها أثراً.
من الازمة الإقتصادية إلى مرحلة
كتابة الدستور المصري ومن ثم تداعياته وانعكاساته على النخب السياسية والثقافية
والفكرية فضلاً عن الجمهور الشعبوى . نجد أنفسنا إزاء مرحلة فارقة وحاسمة في تاريخ
مصر الثورة وهو مادفع "مارينا اوتاواى" الباحث في مركز وودرو ويلسون الدولى في وصفه المرحلة التى تلت كتابة الدستور والانتهاء منه
"معركة جديدة في مصر".
يغوص أوتاواى في مقالته
بمجلة رؤية تركية في رصد هذه التحولات
التى اعقبت كتابه الدستور ويغرق في التحليل والتفنيد لما جرت اليه الامور والحرب
الباردة –إن جاز الوصف- والسجال القائم بين النخب السياسية خاصة الإسلامية منها والمدنية
. والذى القى بظلاله على المشهدين الداخلى والخارجى في مصر الثورة.
دفع بهما الى مزيد من
الصخب والزخم والحراك الدائم بين هذه النخب .مؤكداً اوتاواى على ان الموافقة على
الدستور المصري الجديد بنسبة 64% في استفتاء شارك فيه ثلث الناخبين نتج عنه معركة
طويلة الأمد بين الاسلاميين المهمينين على السلطة . والمعارضة العلمانية .
لم يكن حادث الاعتداء
الاسرائيلي على سفينة المساعدات التركية الشهير بـ "مرمرة "التى كانت
متجهة الى قطاع غزة في 31 مايو 2010م حادثا استثنائيا في تاريخ العلاقات التركية
الإسرائيلية فحسب. وانما كان فارقا ًفي تحولات العلاقة بين الجانبين .وهو ما اوضحة
الباحث في الشئون الاسرائيلية د.سامح عباس في مقالته التى حملت عنوان في ظل ثورات
الربيع العربي:العلاقات التركية الاسرائيلية من الاستراتيجية الى التنافسية .والتى
ارتحلت الى ماقبل حادثة مرمرة وماتلاها من احداث ومواقف دفعت الجانب الاسرائيلي في
نهاية المطاف وبعد سنوات من العزلة بين الجانبين الى تقديم الاعتذار الرسمى لما
ابدته من جريمة نكراء تجاه سفينة المساعدات مرمره وينتهى الباحث في الشئون
الاسرائيلية الى استشراف مستقبل العلاقة بين الجانبين بعد المصالحة .والتى جاءت
بعد رباطة جأش ابداها الجانب التركى ممثلاً في رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان.
مثلت مرحلة مابعد القذافى
في العلاقات الخارجية وتحديداًفي جانب العلاقات الليبية الخليجية بعداً جدياً
وهاماً. خاصة بعد عقود من الاغتراب والمطاحنه بين الجانبين . افتعلها القذافي جراء
رؤاه وتصريحاته وأفكاره الغريبة والمبتدعة في كثير منها .والتى كانت سببا في الإطاحه
به والتجييش ضده لتقوم الثورة , ومن ثم يتم القضاء عليه في نهاية المطاف .وفي ذلك
يحاول احمد طاهر مدير مركز الحوار للدراسات بالقاهرة ان يقف على اهم ملامح هذه
الفتره ومن ثم ينطلق الى فترات مابعد الثورة مشيرا الى الأبعاد الجديده والأطر
السياسية الطارئة والهامة التى اعترت هذه العلاقات التى بدت أكثر إختلافا عن
سابقاتها . فانبرى الجانب الليبي في فتح صفحة جديدة مع الخليج خاصة بعد دوره
الرئيس في الثورة التى اطاحت بنظام
القذافي .
من ليبيا الى روسيا تعرض
"رؤية تركية"لمواقف روسيا إزاء ثورات الربيع العربي خاصة في ظل الازمة
السورية والتى بدت روسيا معمساندتها
لنظام الأسد في الضفة الاخرى من من الربيع العربي ,أى في موقف الرافض والكاره له.
ظهر هذا الدور الروسي واضحا في كافة المواقف
والقضايا الدولية والاقليمية وبخاصة في منطقة الشرق الاوسط حتى اصبحت تتحرك في
السياسة الاقليمية في المنطقة من خلال ادواتها السياسية والاقتصادية بالاضافة الى
الاداة العسكرية وهو ماتعرضه بدقة وحذر شديدين الباحثة في العلوم السياسية راندا
موسي.
وإلى جانب ماسبق تقدم مجلة
"رؤية تركية "في عددها الجديد العديد من التحليلات الهامة في سياقات
متنوعه وشاملة . تشتبك مع اهم القضايا والافكار التى تحيط بالمنطقة وترتكز على سلم
اولوياتها .فضلا عن الغوص في اعماقها والتبحر في فلكها الرامى الى تفكيك المشهد
ومن ثم تقديم رؤية نهائية وواضحة.
وتعد مجلة رؤية تركية، أحد
أهم إصدارات مركز (ستا) باللغة العربية، وتهدف للتواصل بين الشعوب العربية عموماً،
والشعب المصري على وجه الخصوص مع الشعب التركي عقب ثورات الربيع العربي، من خلال
تعزيز العلاقات الثقافية والبحثية والفكرية.