GuidePedia

الصياد

للقاصة والكاتبة / غادة هيكل


اصطاده قبل أن يشب ، وضعه فى قفص يضيق كل يوم ، دقات القلب تزداد اضطرابا ، تحت وطأة اكراه البدن المستجيب له ، والذى يسلم مفاتيحه كل يوم واحدا تلو الآخر ، اليوم قد سلمت الأرجل فلم تعد تقوى على المسير سوى خطوات معدودة ، هناك على بعد خطوة ، تجلس وحيدة تضع كفها على الخد تقاوم دمعات تحاول اختلاق اخدود لها كى تنفس عن مكتوم صدرها، الفتاتان تتسارع بهما الأحداث  ، كل ما فهمنه هو ان ذلك الصياد لا يرحم فريسته .

الإنسان حيوان رجعى يبحث دائما عن الاستقرار في مكان ، بدافع الخوف من المجهول ، وهنا الصياد معلوم الهوية ولكنه مجهول النسب ، يستقر هو الآخر بدافع الخوف من فريسته ويستكين ثم يتوغل بلا هوادة منقضا بلا رحمة ،هنا لا يملك الانسان الضعيف سوى أن يسلم مفاتيحه ، اليوم استلم الصياد منه مفتاحا عزيزا ، مفتاح القلب الذى قل نبضه وتسارعت دقاته معلنة قرب المغادرة ، غرفات القلب جدرانها منهكة لم تعد قادرة على الصد ، يتحول الى الرئتين ترتفعان وتهبطان بسرعة  وبنفس السرعة يتحرك القفص الصدرى الذى برزت عظامه ،ترى الجفنين يقاومان الغلق الإجبارى بفعل الوهن ، تخشى أن يغلقهما إلى الأبد ، تستعين ببعض الصلوات والدعاء ، تخرج عن صمتها تناجى أين انت يا الله ، تريد أن تسمع الصدى بداخلها يطمئنها، ولكن لا مجيب ، تعود وتستغفر ، تسجد وتطيل السجود ، الذنب عظيم ، وقلبها مفتور والصياد يهاجم بشراسة ،يتزايد الألم على الجسد الصغير ، يئن ، تندفع نحوه تستخرج منه الكلمات لم يعد يستطيع ، سلم مفتاح احباله الصوتية ،يشير بيده نحو إطار معلق على الحائط ،إنه لجدك ، أيقنت أن هناك نداء آخر ، تحاول النظر فى عينه لعلها تراه ،تمسك بيده حتى يرحلا سويا ، تحتضنه تضغطه بداخل بطنها تريد أن يلتصق مرة أخرى بالرحم ، لقد تكور كما كان فيه .

هيا أدخل رحمك مرة أخرى سوف أعيد ترتيبك ،أترك الصياد بداخلى ثم أُطلق سراحك ، هيا يا الله ساعدنى ، تهرول نحو المطبخ تلتقط السكين ، تحاول شق بطنها لتخفيه عن عيون الصياد وتعيد تشكيله،

هيا سوف ارحمك من آلآمك سوف ادخلك فيّ الآن ، يعلو صوت الصياد ضاحكا منطلقا من فيه ، تنظر العين لأعلى وتنبسط الجوارح تاركة لها صدى أنفاسها وهى تخرج بفعل الجرح النافذ من بطنها


 
Top