GuidePedia


حلمى سالم فارس من فرسان معركة قصيدة النثر

على مسرح ثقافة الجيزة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فى احتفال مهيب نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة الشاعر سعد عبد الرحمن, لتأبين الراحل الشاعر حلمى سالم بعنوان "حلمى سالم مدينة الشعر"، والتى أقامتها الإدارة العامة للثقافة العامة برئاسة فؤاد مرسى على مسرح قصر ثقافة الجيزة، بحضور رئيس الهيئة والشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث وعبدة الزارع مدير فرع ثقافة القاهرة ومنيرة صبرى رئيس إقليم القاهرة الكبرى، ولفيف من المثقفين والنقاد والإعلاميين، فى البداية أشار الشاعر سعد عبد الرحمن إلى أنه فى هذا اليوم يغيب فارس من فرسان الشعر الذى يتمنى إلى جيله "جيل السبعينات"، مؤكداً أن سالم كان يعيش معظم حياته فى الأقاليم، مما أعطى فرصة لكثير من المبدعين التأثر به، كما أوضح أن سالم كان فارساً بمعنى الكلمة فى المجال السياسى والإبداعى واصفاً الشاعر بأنه شاعر صاحب بصمة فى الشعر المصرى، وشخصية فريدة تستطيع معرفته من شعره، مشيراً إلى مقولة العقاد عن الشعراء "الشاعر الذى لا يعرف من شعره لا يستحق أن يعرف" هكذا هو فارسنا حلمى سالم الذى نعرفه من شعره، مختتماً حديثه بأن "الشعراء الكبار لا يموتون"، حاضرين بقوة إبداعهم وشعرهم، كما كان سالم صاحب الموقف السياسى والوطنى المعروف.

 وأضاف الشاعر مسعود شومان أنه ما كان ليتكلم فى حضور قامة كبيرة مثل حلمى سالم، الذى لم يكن عادياً، لكن كان مناضلاً غير أنه أيقونة نستطيع قراءة مصر سياسياً وإقتصادياً وثقافياً من خلالها، إلى جانب مواقفه الإنسانية والإبداعية كما كان ناقداً قوياً يستطيع أن يعلن عن مواقفه السياسية من خلال شعره مؤكداً أن حلمى سالم وشعره تجربة شعرية مكتملة شعراً ونقداً، لابد أمامها أن يسقط الكلام وأن نبدأ فى التأمل.

وأوضح الشاعر عيد عبد الحليم أن رحلة حلمى سالم لم تكن رحلة عادية ولكنها رحلة فى تطور القصيدة, كما أنه أكثر شعراء الحداثة المصرية إنتاجاً, فقد أخلص للشعر, فأخلص له وأعطاه 20 ديواناً, أضاف أنه موسيقى يعزف اوتارة بيده ويتوحد مع وتره, يتداخل فى الموسيقى, ليصبح هو الموسيقى، فقد يملك سالم القدرة على وصف التشيؤ الذى دخل روح الإنسان وعبر عنه بجرأة ولبيبرالية, وهذا راجع إلى روح المجازفة والمغامرة والتحدى كما ظهر فى أخر دواوينه "معجزة التنفس" ويذكر عبد الحليم أن سالم كان يشبه المحارب القديم فى أخر لقاءته فى مجلة أدب ونقد وهو يجدد نفسه حين يلقى شعره, وهو أشبة بالطفل الفرح الذى يجمع الفراشات، فهو كان شاعراً يجمع الشعر كما يجمع الفراشات.

وأكدت الناقدة فريدة النقاش التى شاركته المسيرة الثقافية والأدبية طيلة 25 عاماً فى مجلة أدب ونقد جريدة الأهالى، حزب التجمع, أن هناك علاقة تشابك الفن بالسياسة فى ديونه الأخير "معجزة التنفس", وقد بدأت حديثها بطرح إشكالية "هل قصيدة النثر لاتزال مقصاه وغير شرعية, كما فعلوه الشعراء مع قصيدة التفعيلة من قبل؟ والغريب أن الذى تصدر الحرب الشعواء على قصيدة النثر, هو واحد من أهم من دافعوا عنها فى بداية السبيعنيات "الشاعر عبد المعطى حجازى" الذى كتب قصيدة للعقاد ولذكى نجيب محمود يوماً يقول فيها لم يكن عجزاً, ولكن تعبيراً عن ضرورة التطور الواقعى, الذى يتطلب إستجابة جديدة لمعطيات جديدة ولذوق جمالى مختلف, كما أوضحت أن سالم كان سعيداً بثورة 25يناير, وقد عبر عنها وسط حشد الشباب بالميدان, والتقطت النقاش جانب أخر من حياة سالم مشيرة إلى هناك دائماً فجوة من سلوك الشاعر ومواقفه الحياتيه, ولكن سالم كان متسقاً مع روحه, وثقافته وأسلوبه فى الحياة, وكذلك إبداعه لانه كان يعيش ما يكتب ويكتب ما يعيش, فشعره كان تفاصيل حياته اليومية, وتعبير فورى عن القيم الإنسانية فى قالب إبداعى وجمالى, ومع هذا لم يحوله الصراع اليومى عن نضاله ويجعل منه واعظاً مثل شعراء كثيرين, ولكنه أصر أن يكون هو فاعلاً فى تغيير الواقع، فقد كان مقتنعاً أن السياسة كالشعر فن "التغيير"، وشريكتهما الفلسفة الذى غير ماركد وجهتها حين قال "أن مهمة الفلسفة تغيير الواقع وليس تفسيره"، لذلك نجد أن سالم أستطاع أن يطوع اللغة ويحملها طاقة جمالية تعبر عن المشهد العام للمجتمع وترصد تطوراته ولكنها لا تتماهى معه، واختتمت حديثها بأن سالم كان شاعراً حقيقياً وإنساناً حقيقياً.

أما الناقد د. أمجد الريان فقد شارك بتقديم سالم من وجهة نظره الخاصة والتى تحمل عنوان سالم وإستلهام التجارب الحياتية، مؤكداً أن الشعر كان ولا يزال معتمداً على التجربة الحياتية من العصر الفرعونى، للجاهلى للعباسى لعصرنا الحديث، غير أن قصيدة النثر لها جذور عميقة فى الشعر الصوفى الإسلامى وغيره ذاكراً قصيدة صلاح عبد الصبور التى تحمل عنوان "يا صاحبى أننى حزين".

وقال الريان أن سالم ينتمى إلى نوع القصائد الأسرية، فهو يعتمد فى ذهنيته على إختزال الأفكار بداخله، لتخرج رويداً فى قصائده معبراً عنها بلغة مميزة تحمل معانى حميمية، مختاراً مواقف إنسانية معبرة، ليجعل من الأسرة ملاذاً ضد العشوائية والتشظى، مؤكداً أن السرد فى شعر سالم هو بنية أساسية تتوافق مع تيمة رواية الأجيال مثل نجيب محفوظ كما جاءت فى قصيدتة "يا شقيقتى" فهذا الدافع الذى يكتب به سالم هو الذى جعله يخلق المعانى بمرادفاتها الشعبية العميقة، المتأصلة بالبيئة المصرية، ويذكر لسالم أنه استطاع أن يحقق المعادة الصعبة بين الشعر التجريدى الذى بدأه جيل السبعينات وأن يجعل هذه الرموز التجريدية تعبر عن الحياة، وأن يجعل هذه الرموز التجريدية تعبر عن الحياة، وأكد أن أسلوبه الشعرى كان نابع من المثتولوجيا أى "ذكريات الطفولة" والحنين إلى الماضى.

وفى نهاية الإحتفالية كرم الشاعر عبد الرحمن أسم الشاعر حلمى سالم بإهدائه درع الهيئة، كما يتم إطلاق أسمه على المسابقة الأدبية لعام 2012، وأختتم التأبين بقراءة الكاتب شعبان يوسف لبعضاً من قصائده

 
Top