GuidePedia

كتاب " الخطاب الشعري ،
عرض ـ ممدوح فراج
 في الستينيات " دراسة أسلوبية تحليلية للدكتور هشام محفوظ ، الكتاب صادر عن سلسلة كتابات نقدية ويحمل رقم 178 عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ، يوضح مؤلف الكتاب الدكتور هشام محفوظ أنه جعل قراءته لكتب الأدب تتم بطريقة تحليلية كمنهج أسلوبي يهتم فيه بلغة النصوص منذ قرأ كتاب " بناء الأسلوب في شعر الحداثة " للدكتور محمد عبد المطلب منذ سنوات دراسته الجامعية من عام 1986 حتى السنة النهائية 1990 م وأكتمل ذلك بدراسته للماجستير في شعر محمد عبد المعطي الهمشري ... دراسة موضوعية وفنية وحيث أن رسالته للماجستير لم تكن دراسة أسلوبية خالصة لكنها كانت نقطة عبور له إلى الخطاب الشعري التفعيلي ومن هنا أدرك المغايرة النوعية بين خطابي الشعر الرومانسي والتفعيلي خاصة الشعر الستينى حيث الجيل الثاني لحركة "الشعر الحر " وتحديدا ً في مصر نظرا ً لتشابه أشكال التعبير الشعري بين شعراء الستينيات في مصر والعالم العربي نتيجة التأثير المصري ثقافيا ً وإبداعيًا على الأقطار العربية الأخرى فى العصورالثقافية المختلفة ويكشف الكتاب ان المنجز الشعري الستيني كان إمتداداً تحولياً لمدرسة حلت محل الرومانتيكية


ويبين الكتاب أن هذه الدراسة تحاول إظهار أن شعر التفعيلة الستينى أحدث نقلة نوعية انتجت إبداعاً مؤثراً في مسارات الشعر العربي الحديث ومكملاً نضال فرسان التحديث ،

وقد اختار الباحث 5 من الشعراء وهم وفق الترتيب أمل دنقل، حسن فتح الباب فاروق شوشة ، محمد إبراهيم أبوسنة ، محمد عفيفي مطر ،ليقدم دراسته من خلالهم ، معتمداً على الخطاب الشعري لهم ، في الفترة من 1960 ، وحتى آواخر 1996 م تاركا ً الشعر العمودي الستيني لأنه لم تحول في أشكاله التعبيرية ، أو الدلالية ، وعن التحدث عن الصورة الشعرية أكد الباحث أنها مغامرة إقتحام المبدع باللغة عالماً جديداً ورغم خصوصية الصورةالأدبية إلا أنها تكون إبداعاً خالصا ً للروح ، ويلفت الباحث إلى أن هناك 4 مراحل يمر بها المبدع وهو ينفذ عملاً إبداعياً مرحلة الاستعداد، الإختمار ، الإشراق ، التنفيذ ، ويشير المؤلف إلى أنه لا توجد تجربة شعرية بدون صورةولا توجد صورة أدبية حقيقية إلا في إطار التمرد على دلالات الحرفية ومهمة المبدع صناعة الصورة ، ومهما نالت الصورة الشعرية من الحداثة فإنها لا تتجاوز المجاز العربي القديم والحداثة لا تعني الإلغاء، وإنما تعني المغايرة ، ويذكر المؤلف أن قراءة في الشعر الستيني ، وخطابه الشعري ، تكشف عن عدم استهجان مبدعيه لأساليب التصوير البياني ، لكنها كانت مختلفة عم انتهجه السابقين في تفجير الجمالية الشعرية ،فمنذ أكثر من ألف عام قال امرؤ القيس

" مكر مفر مقبل مدبر معاً :: :: :كجلمود صخر حطه السيل من عل ٍ، وانصافا ً لعبد القاهر الجرجاني فإنه كان يملك نضجاً في فهم الخيال بالقياس ، إلى سابقيه ،وقد أعلى من شأن التشبيه ،الذي يمكن أن يكون حدً ا فاصلاً بين القصيدة واللا قصيدة ، وعند قراءة النصوص التي اختارها المؤلف في كتابه لشعراء الستينيات نجد أن خطابهم التفعيلي تنوع ما بين إلى شعرية جديدة وسعت أفق التجريب باللغة سعياً إلى صورة أجمل يقول أمل دنقل " فاض النهار بنا فمزق عن تصوفنا معاطفنا ،،،،وألقانا على أعتاب مملكة النميمة ، والذباب يطن ،،،، والكلمات : أقدح مكسرة الحواف ... إذا لثمناها.. تجرحت الرؤى ، أسلوب

التشبيه الستيني كان من الوسائل الفنية التي اراد المبدع من خلالها أن يوسع الإدراك لكي يحفز المتلقي إلى الجهد الشعري أما الاستعارة فقد كان هجوم للجاحظ على أبي عمرو الشيباني الذي أعجب بقول القائل

لا تحسبن الموت موت البلى ،،،، فإنما الموت سؤال الرجال

كلاهما موت ولكن ذا ،،، أقطع من ذاك لذل السؤال

وكان هجوم الجاحظ لأن البيتين ليس فيهما أي شعرية رغم إنتظام الصياغة ايقاعا وشكلاً من هنا يكون مفهوم الشعر مغايراً لمن أراد الشعر قسمًا من أقسام النطق ، إذن الاستعارة صناعة لغوية تستقي فيه الكلمات قيماً شعرية مألوفة وغير مألوفة تتصل بالتفكير والشعور ، الإنساني ، ويؤكد المؤلف أن خبرة الشاعر باللغة وحساسيته العالية بها تجعله يصنع من كلماتها أثراً تختلط فيه العواطف والمشاعر أو الإنفعالات فالشاعر الحديث وجد كنزاً خلاقاً في في الاستعارة إلى جانب وسائل التعبير الشعري الأخرى يقول فاروق شوشة ، كما يتسلل حزن المساء ،،، وترتجف الفكرة العابرة

وتمتد من خلف أيامنا رؤى ،،، غائمات الأسى والحنين وأطياف ليل بعيد القرار،،، حكايات رسبت في الجبين ،

ويلقي الكتاب أضواء كاشفة على الاستعارة في الخطاب الشعري الستيني والتي تمثل في بعضها ثقافة جديدة خاصة للحظ المكانية وقد اتسمت بالقلق فيما يتصل بالواقع العربي في صراعه مع اسرائيل فحسن فتح الباب مثلت له الاستعارة رحلة بحث عن شئ ما وفاروق شوشه جعلها نموذجاً يعبر بها عن القلق ولا ننسى قضية التجريب التى تعادل الاستعارة في الخطاب الشعري الستيني والتي تجعل المتلقي أكثر بصيرة بالواقع الحقيقي لأنها تكشف طاقة الخيال ويشير المؤلف إلى أن خطاب الألفاظ المكانية لدى الشعراء الذين شملتهم الدراسة اتسم بالشتت عن الصحراء ، الأسواق ، الحواري ، الطرقات ، ويؤكد الكتاب أن الشعر وجد طريقه بعد منتصف هذا القرن في اللغة بعيدًا عن القوالب الجاهذة الفروضة عليه من الخارج وهو الشعر الذي استطاع استفبال مفردات حديثة واقعية تحمل كل ملامح الحقيقة المعاصرة وتسميته " بالشعر الحر " لأهمية إخضاع إمكانات اللغة على إحداث نغم يسمع لأول مرة وإذا كانت هذه الدراسة قد درست الخطاب الشعري للقصيدة الستينية ، فإن ثمة ظواهر شعرية ، لم تذكرها الدراسة لأنها ليست موجودة في الخطاب الشعري الستيني " التفعيلي "

وفي النهاية فإنه ذه الدراسة سلطت الضوء على على معجم الخطاب في الشعر التفعيلي في مصر في الستينيات من القرن الماضي وهو مجهود يذكر للباحث ويفتح المجال لآخرين لطرق هذا الباب في جوانب أخرى

 
Top