شباب العراق ...والمرحلة الراهنة؟!
رمزي عقراوي
نرى في الوقت الراهن بان الشرق الاوسط يتغير وبسرعة خارج كل حساباتنا المرحلية...حيث يزول نظام حكم كامل كان يقال عنه انه غير قابل للاضمحلال والانهيار! لياخذ مكانه نظام اكثر تفتحا ومسايرة لوقائع الحياة العصرية الحديثة ...
فلماذا تواجه انظمة الشرق الاوسط الان تلك الانهيارات والتحولات الجذرية التي لم تناقش البنى الاساسية للتطور والتغيير الديناميكي؟! فالحياة تتغير ولم تستطع تلك الانظمة الاستبدادية الديمومة والاستمرار والعطاء الثر لحياتها ولحياة شعوبها العريضة وذلك بسبب عدم تمكنها من تغيير انماطها في الحياة الطبيعية وبذلك لم تستعد لمطاليب ورغبات وواجبات شعوبها ، ولذلك لم تكن تحي فتح الطريق السوي امام الحياة،وكان حري بهذه الانظمة العتيقة خلق حياة سياسية واجتماعية واقتصادية حرة ، وترك المبادرات الخلاقة لشعوبها لتحيا حياة حرة كريمة واعطاء الثقة المطلقة بقوتها وفعاليتها الكامنة بالتغيير المستمر والمتواصل الحضاري الدؤوب وكان من الممكن جدا تغيير مجتمعاتها نحو المدنية والديمقراطية لكي تصبح حياتها مفعمة بالمساواة والمحبة والبناء والابداع وكل هذا ينصب في الحرية الحقيقية التي ليس من الممكن التخلي عنها ابدا !
ولكن من المؤسف انه لم يتم خلق هذا المجتمع الديمقراطي الفعال وان عدم تغيير النظام البعثي البائد لمبادئه السابقة، تم تغييره بالقوة وقد تم من قبل الاخرين وليس من قبل العراقيين انفسهم كحاجة ماسة وضرورية حتما لديالكتيك الحياة !
ان البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية للنظام البعثي المقبور والذي استمرت سلطته الدكتاتورية (35سنة) تفتت داخليا بسبب عدم تاقلمه مع متطلبات الدولة الديمقراطية والمجتمع المدني والذي هو من سمات العصر الراهن، وكذلك لعدم تحقيقه لعملية التحول والتغيير على كل الصعد وعدم ادارته الشعب العراقي بشكل سليم ومتساوي في الحقوق والواجبات !
ان المداخلة الامريكية للمنطقة في شخصية العراق، هدمت تلك البنية البالية اصلا وهذه المداخلة كانت ضرورية جدا بالنسبة للشعب العراقي اولا وللمنطقة ثانيا لانها ستفتح المجال الواقعي امام بزوغ شمس الحرية والديمقراطية في شتى ارجاء العراق والمنطقة، وبالطبع فان هذا سيحدث عن طريق تحطيم الهياكل الاستبدادية والمرتكزات الرجعية، وذلك بخلق الشعوب لنفسها (ديمقراطية حقيقية) وهذا سيحدث بالفعل وبالاخص على ايدي الشباب والنساء اللواتي هن نصف المجتمع واللواتي سبق وان همشن في الحياة الفعلية !
ان عراقنا هو البلد الوحيد ضمن خارطة الشرق الاوسط معروف في التاريخ بتعدد الاديان والمذاهب والقوميات الاثنية والتي تتداخل منذ ازمنة سحيقة كبنى قومية فان هذه السمات المتميزة ليست سببا في عرقلة الديمقراطية وانما بالعكس من ذلك ! فان هذه الخصائص ستلعب دورا ديمقراطيا زاهرا في اغناء الهوية العراقية الاساسية. ان تحالف الشعوب العراقية والبنى الثقافية العريقة لوادي الرافدين والمتطلبات الاقتصادية التي لا تحتمل من جهة اخرى،تفتح المجال الواسع امام انتشار وبناء الديمقراطية الصحيحة ومن هذه الناحية فان الظروف المستقبلية ملائمة جدا لتطوير وتائر الديمقراطية في العراق الجديد !
وشباب العراق ولكونهم شرق اوسطيين فهم مميزون لتاريخ الانسانية لانهم المبتكرين الاوائل للحياة والتي تكتسب بركتها من قدسية ارواء سنابل القمح بعرق الجبين! وانهم ابناء مهد الحضارات الانسانية العريقة منذ القدم .
ان تاريخ المجتمعات العسكرية يشهد بان جميع الانظمة العسكرتارية (كنظام صدام) قد انتهى ميعاده وانه لن يفلح بالخلاص بل سينهار نهائيا وفي مواجهة كهذه، فان الانظمة التي تتجدد وتعايش نفسها وتبني ارادة شعوبها وتلبي احتياجاتها بالحرية و الديمقراطية ستكون موجودة وفاعلة دوما بذا سيتخلص ابناء الشعب العراقي الاتي من ماسي عمق تاريخ عميق ولاول مرة يحدث هذا كما كان في المرحلة الاولى مجتمع عراقي حر وديمقراطي واننا في مواجهة خلق حياة جديدة مثلها، فيعيش العرب والاكراد والتركمان والاشوريون مع الشعوب الاخرى وكذلك جميع المذاهب التي بقيت في مواجهة التسلط المستبد كالسنة والشيعة واليزيديين والمسيحيين وبدون الدخول في تفرقة مذهبية بينهم! عكس ذلك تماما . وبمعرفة جميع هذه الاختلافات ستعيش هذه الاطياف كامة عراقية واحدة بالتاخي والصداقة والتضامن وستبني بايديها حياة جديدة خاصة بها على اسس نظام ديمقراطي حر!
فالشباب العراقي في هذه المرحلة الراهنة لن يبحثوا في أي مكان اخر عن سبل العيش بحرية لانه سيكون ذلك عدم احترام لجوهرهم ولمعدنهم الاصيل لان ارض النهرين شاهدة على اشكال متعددة من النضال والكفاح المستميت من اجل البقاء والديمومة والتغيير ...
السنا احفاد زرادشت والسهروردي والكندي والحلاج وغيرهم .
السنا نسل سومر واكد وبابل واشور ؟!